تأثير الاعلانات على الأطفال ، موضوع يستحق انتباهك كأب وأم ، خصوصا إذا كنت تعلم أنه يتم إنفاق الملايين على صناعة الإعلانات الدعائية التجارية ، والتي تعتبر سلاحا ذو حدين لما تحمله من رسائل تسويقية قد لا تخلو من خطر حينما تستهدف الأطفال الصغار .
ووفقا للدراسات ، يتعرض الطفل لأكثر من 40000 إعلانا في العام من خلال التلفزيون ، بل تؤكد هذه الأبحاث أن الوقت الذي يقضيه الأطفال في مشاهدة التلفزيون أكثر مما يقضونه في المدرسة ، دون احتساب الهواتف الذكية والحاسوب .
محتويات
تأثير الاعلانات على الأطفال : خطر التلفاز
يؤكد الباحثون أن التلفاز يعتبر أكثر تأثيرا من غيره على الأطفال إذا تعلق الأمر بالإعلانات ، وتقدر الدراسات أن الوقت الذي يقضيه الأطفال في مشاهدة التلفاز ، حوالي 4.5 ساعة يوميا ، وبالتالي تعرض أكبر لسيل جارف من الإعلانات .
يتأثر عقل الطفل وكيانه بالاعلانات طبقا لمجموعة من العوامل ، منها عامل السن ، والتكوين النفسي والحالة العقلية التي ينجم عنها رد فعل يختلف من طفل لآخر في قدرته على تحليل المادة الإعلانية وتقبلها .
وتشير الأبحاث أن الأطفال الذين يقضون وقتا أكبر في مشاهدة التلفاز ، يميلون بشدة لطلب شراء حاجات متنوعة مثل الألعاب ، فالطفل في هذه المرحلة يتقبل المادة الإعلانية كأنها حقيقة ، دون أن يطرح أسئلة أو يعترض ، ويمكن أن يستمر معهم ذلك حتى سن البلوغ .
وهناك أيضا احتمالية إصابة الطفل بالتوحد خصوصا في عامه الأول إذا كان يقضي وقتا طويلا أمام التلفاز ، وهذا أمر خطير جدا .
اقرأ أيضا :
تأثير الاعلانات على الأطفال : الكحول والتبغ
كمجتمع مسلم نعي تمام الوعي خطورة وأضرار الكحول والتبغ ، ولا نتخيل يوما أن نرى فلذات أكبادنا قد سقطوا في فخ هذه السموم القاتلة .
لكن مع وجود هذه الحرية المطلقة في مشاهدة التلفزيون ، وتمكن أطفال اليوم من جميع الوسائل التكنولوجية الحديثة ، فخطر تسلل إعلانات المشروبات الكحولية ، والماركات الفاخرة للسجائر ، أمر واقع ومحتوم .
قد تثق أيها الأب وأيتها الأم في تربية طفلك وتنشئته ، لكن احذرا كل الحذر ! فالاعلانات تملك قوة لا تتخيلانها في تمرير الرسائل التي تريد ، خصوصا لو كان المتلقي طفلا .
وفي الدول الغربية أثبثت الدراسات بشكل لا يدع مجالا للشك ، أن التعرض لاعلانات الكحول والتبغ ، مرتبط بازدياد تعاطي المراهقين لها ، وتسعى جمعيات حماية المستهلك جاهدا للتصدي لهذه الاعلانات .
إعلانات المنتجات الغذائية وتأثيرها على الأطفال
ينفق المعلنون مبالغ ضخمة في الإعلانات الغذائية ، خاصة منها التي تستهدف الأطفال ، ووفقا للخبراء ، فإن أكثر 4 منتجات يتم تسويقها للأطفال تتمثل في : الأطعمة السريعة – المشروبات السكرية بأنواعها – الحبوب المحلات بالسكر – الحلوى .
وطبعا لا دعي لتوضيح أخطار هذه الأطعمة ، سواء من ناحية المواد المضافة لها ، أو مكوناتها الضارة ، لكن مع الأسف الشديد فمن منا يستطيع مقاومة ألوان الحلوى الشهية ، وعصير الأبطال الذي يمنحك نموا وطاقة خارقة ، ورقائق البطاطس التي لا تقاوم !
أعلم أن الأمر صعب حقا ، ومرتبط بمدى وعي الوالدين وحرصهما على مراقبة طفلهما ، وتعويده على الأكل الطبيعي الصحي ، وإن اقتضى الأمر فلا بأس من أن تخصص له بين الفينة والأخرى نوعا من الحلوى أو الشوكولاتة ، بالقدر الذي لا يصل لمرحلة الإدمان .
تأثير الاعلانات على الأطفال : المحتوى الجنسي
يركز أصحاب الإعلانات على عامل الجذب والصورة ، لذا تجد في الغالب فتيات مثيرات وجميلات ، يستعرضن منتوجا معينا ، الشيء الذي يؤثر بالسلب على تفكير الطفل ، خصوصا الفتيات .
ترسخ تلك الإعلانات نمط صورة الفتاة الجميلة ذات القوام النحيف الجذاب ، وبأن المجتمع قائم على هذا النوع من الأشخاص ، وبالتالي تتكون لدى الفتاة تلك النظرة التي تركز على المظهر والشكل أكثر من غيره ، وتتطور معها تلك الأفكار في مختلف مراحل عمرها .
لذا من الواجب على الأبوين أن يقوما بواجبهم اتجاه هذا الخطر المحذق بأطفالهم ، وبأن يصاحبوا أبناءهم ويقضوا معهم أطول وقت ممكن .
أضرار الإعلانات على الأطفال
الإعلانات كأي شيء له إيجابيات وسلبيات ، لكن حينما يتعلق الأمر بأطفالنا وتكوينهم ، فقد تصبح هذه الإعلانات مصدر ضرر لهم ولأسرهم ، ونحصرها كالتالي :
– تبعث الإعلانات قوة تحفيز غير عادية لدى الأطفال ، فتجعلهم يتعلقون بذلك المنتج الرائع ، ويعملون جاهدين على إرغام والديهم بشرائه ، بغض النظر إن كان ذا منفعة أو مدى حاجتهم له .
– يميل الأطفال إلى الإعجاب بالمنتجات التي تحمل علامات وماركات معروفة ، وبالتالي تتكون لديهم قناعة بأنه لا يوجد شيء أفضل من ذلك المنتج الذي يحمل العلامة المعروفة .
– تتضمن العديد من الإعلانات حركات أو مواد خطيرة ، ويحاول الأطفال تقليدها أو تجربتها دون أن يفهموا التحذيرات القانونية التي تأتي معها .
– مع كثرة الإعلانات التجارية الجذابة ، والأطعمة غير المرغوب فيها ، والمشروبات غير الصحية ، فإن صحة الأطفال قد تتأثر سلبا ، إذ تشجع هذه الإعلانات على عادات أكل غير صحية ، وبالتالي سيجني أطفالنا – لا قدر الله – أمراضا لم نكن نتخيلها ، كالسكري ، ومشاكل القلب ، وأمراض السمنة .
– قد تخلق الإعلانات لدى الأطفال مشاكل نفسية عديدة ، فالطفل الذي يرى أقرانه يملكون لعبة باهضة الثمن ، وهو محروم منها ، قد يسبب له شعورا بالدونية وعدم التقدير .
– تؤثر الإعلانات المثيرة على عقلية الأطفال ، خصوصا الفتيات ، إذ تتكون لديهن تدريجيا فكرة الجمال المزعوم ، والجسد المثير ، مما قد يخلق لهن مشاكل في المستقبل .
– كثرة مشاهدة الإعلانات تسبب ارتباكا لدى تصور الأطفال ، وتسبب لهم عدم إدراك وتفريق بين ما هو خيال وما هو واقع .
ما هو الحل إذن ؟
الحل كل الحل يكمن في وعي الوالدين والمعلمين والمربين ، ومدى فهمهم لسلاح الإعلانات الفتاك وتأثيره الكبير على عقول الكبار عامة والصغار خاصة .
لقد تطورت أساليب المعلنين ، سيما مع اندماج العالم مع التكنلوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي ، إذ يعتمد المعلنون على دراسات نفسية تؤثر في عقلية المشاهد ، وتجعله يقوم بردة الفعل المطلوبة دون وعي منه .
وقد يتعرض الأطفال لهذه الإعلانات في أي وقت ومكان ما داموا يحملون أجهزة إلكترونية بيدهم ، وتعتبر الألعاب الإلكترونية مرتعا خصبا للإعلانات ، وطبعا لا يخفى عنكم تطبيق لعبة الحوت الأزرق والخطر الذي شكلته على حياة الأطفال .
يوصي الخبراء أولا بالطريقة التقليدية وهي تقليل وقت قضاء الطفل أمام التلفاز أو الأنترنت ، مع ضرورة مراقبة ما يشاهده أبناءهم .
كما يجب على الآباء ألا يرفضوا طلب ابنهم حين يطلب منهم شراء منتج ما ، بل يحاولوا أن يدخلوا معه في نقاش – حسب سنه – في سبب اختياره للمنتج ، والمكان الذي شاهده فيه ، والذي يكون غالبا التلفاز أو الإنترنت ، ويحاولوا إقناعه بأن ذلك مجرد إعلان ، وبأن المنتج لا يستحق – إن كان كذلك حقا – .
كما قلنا يجب على الأبوين أن يراقبا برامج أطفالهم المفضلة ، وأن يلجأوا مثلا لتسجيلها على أقراص DVD ، وبالتالي تجنبا ذكيا للإعلانات .
أما الأطر التربوية فمطالبون أن يشرحوا بمؤهلاتهم وخبرتهم ، دور الإعلانات وتأثيرها بالقدر الذي يجعل الطفل مسؤولا عن قراراته ، أو على الأقل يفكر فيما يعرض أمامه بدل أن يكون مجرد مستهلك أعمى .
ختاما
يقول الشاعر :
إذا كان رب البيت بالدف ضاربا * فشيمة أهل البيت كلهم الرقص
قبل أن تبحث أيها الأب / الأم ، في مشكلة تأثير الإعلانات على أطفالك ، فراقبا أنفسكما أولا ، وعالجا عاداتكما السيئة ، فكيف يعقل أن تمنع طفلك من الأنترنت ، وأنت تظل اليوم بأكمله على الواتساب والفيسبوك معانقا هاتفك الذكي !
– حببوا القراءة لأطفالكم ، وامنحوهم قصصا ورقية حتى يتخذوا الكتاب رفيقا لهم .
– املأوا وقت فراغهم بهوايات هادفة وممارسة مختلف الأنشطة الرياضية .
– كونوا مجتمعين في موائدكم على الحوار والنقاش الاجتماعي الدافئ ، واتركوا التلفاز بعيدا .
مصادر :